بعد الحديث عن أن الجراد غزا منطقة البقاع منذ أن نشرت صور أسراب الجراد في ترحالها بين اليمن والسعودية، هناك من يصر على بث شائعات تثير الذعر، عن وصول أعداد هائلة منه إلى لبنان.

بيروت: بعد الحديث عن أن الجراد غزا منطقة البقاع منذ أن نشرت صور أسراب الجراد في ترحالها بين اليمن والسعودية، هناك من يصر على بث شائعات تثير الذعر، عن وصول أعداد هائلة منه إلى لبنان، ويتحدث عن كارثة لم تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الأولى، إلى حد تعقب أنواع من الجراد "المحلي"، الذي يظهر موسميًا في مثل هذا الوقت من السنة، لإحاكة "أساطير"، تسهم بعض صفحات التواصل الاجتماعي بانتشارها الواسع، من دون أن تبرز ولو صورة تثبت الإدعاءات.

ولكن ماذا عن النوع المحلي الذي رصد في بعض الأماكن، هل يمكن أن يتكاثر؟ 

يؤكد الخبير الزراعي وليد أبو جودة لـ"إيلاف" بأنه يبقى جرادًا فرديًا، أو ما يعرف بالـsolitaire، وهو عادة يظهر في الطبيعة بعد فترة الشتاء، ولكن هذا النوع يبقى فرديًا، ولا يتكاثر إلا إذا توفرت له الظروف المؤاتية.

كما تحدث أبو جودة عن مدى خطورة الموضوع فأعطى تقريرًا مفصلاً عن نوع الجراد في لبنان، وأشار في البداية إلى أن الجراد هو حشرة من اعضاء فصيلة النطاط  ACRIDIDAE واسمه العلمي GREGARIAS SCHISTOCERCA. 

ويختلف الجراد عن النطاط (القبوط) بما لديه من قدرة على تغيير في السلوك والنواحي الفسيولوجية الخاصة به، وعلى الأخص اللون والشكل الخارجي وفقًا للتغييرات في كثافته العددية، فمثلاً حين تكون الأعداد قليلة يتصرف الجراد بصورة فردية (المظهر الانفرادي) وحينما تكون أعداده كبيرة فإنه قابل للتصرف كمجموعة واحدة (المظهر التجمعي). 

حياة الجراد

عن دورة حياة الجراد الصحراوي، يشير أبوجودة إلى أن الجراد الصحراوي يمر مثل كل أنواع الجراد والنطاطات الاخرى بثلاثة أطوار، البيضة، الحورية والحشرة الكاملة، وتضع الإناث البيض الذي يفقس وتخرج منه يرقات بدون أجنحة تسمى الحوريات، تغير الحوريات جلدها الخارجي خمس أو ست مرات، حيث يزداد حجمها في كل مرة فتسمى هذه العملية بالانسلاخ، ويشار إلى الفترة بين كل انسلاخين بالعمر.
 
ويطلق على آخر عملية انسلاخ الحوريات العمر الخامس أو السادس عديمة الأجنحة وتحولها الى الحشرة الكاملة ذات الاجنحة بالتجنح، وتكون الاجنحة لينة قبل أن تجف وتتصلب حتى تتمكن الحشرة من الطيران، ولا تنسلخ الحشرات الكاملة وبالتالي لا يزداد حجمها، ولكن يزداد وزنها تتدريجيًا، وتكون الحشرات الكاملة التي تستطيع الطيران غير ناضجة جنسيًا في البداية، ولكنها تصبح ناضجة جنسيًا بعد ذلك وتستطيع أن تتزاوج وتضع البيض. 

العوامل

عن العوامل التي تتحكم في هجرة الأسراب وهل تبقى في لبنان، يشير أبو جودة إلى أنه عند حصول نقص في الغطاء النباتي تهاجر الأسراب وتعتمد على وجود رياح دافئة بالدرجة الكافية، الآتية من الاتجاه المناسب، وهو ما جرى أخيرًا حين حملت الرياح بعض مجموعات الجراد ذات اللون الاحمر غير الناضجة جنسيًا، من الصحراء الليبية إلى الشواطىء اللبنانية.

ولكن مع تغيّر الطقس في لبنان فإن هذا الجراد يختفي كليًا. 

المكافحة

عن المكافحة كيف تتم،  فيتحدث أبو جودة عن عدة أنواع للمكافحة منها طرق ميكانيكية وحفر الخنادق والضرب والحرق والطعم السام وكذلك نشر غذاء للجراد مخلوط مع المبيد الحشري والتغفير أي استخدام غبار ذي حببيات دقيقة مخلوط مع المبيد الحشري ورش المبيدات الحشرية السائلة كما يعتمد اتخاذ القرار بالمكافحة أو عدمه على عدة عوامل منها، عمر ومظهر ونضج وسلوك الجراد، وأيضًا على أعداده وكثافته وعوامل أخرى مثل القرب من المحاصيل وإمكانية تعرضها للهجوم واحتمال التكاثر، ومع ذلك فمن الأمور المضيعة للجهد والوقت، القيام بمكافحة الجراد الانفرادي او الجراد الموجود بكثافات منخفضة او المبعثر في مساحات شاسعة، لأن ذلك سيضعف من فرص إصابة المبيد للجراد، وفي بعض الحالات عندما تكون الظروف المناخية والبيئية غير مواتية للتكاثر والنمو، فإن مجموعات الجراد ستواجه الفناء، وهذا حصل مع تغيّر الطقس في لبنان.