ظاهرة قتل الأطفال تثير الفزع في مصر

تابعنا على:   09:39 2019-10-16

هواكم - شهدت مصر جدلًا واسعًا خلال الأيام القليلة الماضية، حول تفاقم ظاهرة قتل الأطفال على يد أقاربهم وذويهم، الأمر الذي أصبح حديث الإعلام والعامة، خاصة بعد واقعة الطفلة "جنة" التي راح ضحية التعذيب على يد جدتها، حيث تقدم العديد من البرلمانيين في مجلس النواب باقتراحات تعديل قانون الأحوال الشخصية، بسبب العنف الذي يقع فيه الأطفال بشتى المحافظات المصرية، خاصة بعد الأحكام القضائية البسيطة التي ينالها المتهمون.

الجرائم البشعة التي يقع في شباكها الأطفال على يد آبائهم، تكون بداعي التأديب، أو من أجل ستر جريمة وقعت، فقد كانت الطفلة القبطية الرضيعة "مونيكا ماجد نعيم" البالغة من العمر عام ونصف العام، ابنة قرية قلوصنا التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا جنوب مصر، آخر القصص المأساوية لقتل الأطفال.

عثر على مونيكا ملقاة مقتولة أسفل كوبري الساحل بمدينة سمالوط، حيث تجري الأجهزة الأمنية تحرياتها حول الواقعة وتحقيقاتها لمعرفة اللغز وراء مقتل الطفلة وإلقائها. 

وهناك حالة أخرى للطفل "حسام.ا" البالغ من العمر 10 سنوات الذي أقدم على الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الثالث هربًا من تعذيب والدته له، وتبين أنه تلقى وجبة دسمة من التعذيب على يد والدته وحينما حاول الفرار منها سقط من الطابق الثالث ولقى مصرعه على الفور. 

لم يكن الطفل السابق فريدًا من نوعه، ولكن حدث قبل أيام جريمة الطفلة "جنة" ضحية التعذيب على يد جدتها في محافظة الدقهلية، حيث أقدمت الجدة "صفاء عبد الفتاح" على تعذيب حفيدتيها "جنة" ذات الخمس سنوات، و"أماني" صاحبة الست سنوات، وحرق جسدهما بالنيران في أماكن حساسة، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا على الساحة وتبادل الكثير من الرواد قصة هاتين الطفلتين اللتين راحا ضحية لجريمة عنف أسري.

وانتشرت قبل أيام جريمة عرفت بـ"مذبحة أبو النمرس" حيث أقدم صابر البالغ من العمر 17 عامًا على قتل زوجة عمه وذبح طفلتها الصغيرة، وشرع في قتل نجلها الأصغر بإلقاءه من الطابق الثاني، حيث أصيب بعدة إصابات في الجسد. 

ومنذ أيام قتلت طفلة على يد شقيقها في ظروف غامضة بمحافظة الجيزة، إذ تبين أن الجريمة وقعت في شارع المحطة، فأقدم شاب صاحب الـ16 عامًا على قتل شقيقته، بواسطة ملاءة السرير، وذلك لوجود خلافات بينهما.

 الانهيار الثقافي

قال الدكتور جمال فرويز أخصائي الطب النفسي المصري، إن ظاهرة قتل الأطفال تنشأ على خليفة اضطرابات نفسية، لأن المجتمع المصري تسيطر عليه الآن تقاليد المجتمع الغربي، وهو الأمر الذي يؤثر على طبيعة الحياة ويؤدي إلى انهيار ديني وأخلاقي، وانهيار اجتماعي سواء في العلاقات الأسرية، أو ثقافية  الأمر الذي يجعل الكثير يقدمون على بعض التصرفات غير المستوعبة، مثل تعذيب طفلة على يد والدها أو جدتها، أو قتل أخرى لسبب ما.

وأكد فرويز في تصريح خاص لـ"البوابة" أن جرائم التعذيب والقتل التي يتعرض لها الأطفال حاليًا في مصر، تأتي على خليفة الانهيار الثقافي الذي يشهد ازدواجية دينية، مضيفًا: "الرحمة انعدمت بين الأب وأطفاله والأم وأولادها، وأصبح التواصل بين أفراد الأسرة قليل وغير منتظم، الأمر الذي ينتج على خليفته انهيار في الأسرة وخلق  الخلافات التي تستمر حتى الموت أو التعذيب".

وأضاف فرويز أنه يوجد خلل في المجتمع المصري ولابد من الاعتراف به حتى نستطيع معالجته، لأن كل مجتمع له قيمه وأخلاقه، فالمجتمع الصيني مغلق ولكنه حافظ على عاداته وقيمه لمئات السنين، والمجتمع المصري تعددي وكان يحافظ على العادات والتقاليد الخاصة به، ولكن بعد النكسة وحرب أكتوبر بدأ المصريون يسافرون إلى الخارج، ومن ثم الفترة التي قضاها هذا الشعب في ظل حكم مبارك، وبعدها الثورة التي قلبت الموازين، وكانت النتائج أن المجتمع المصري أصبح يقلد المجتمعات الأخرى، ولا يحافظً على طبيعته مثلما كان.

وأشار أستاذ الطب النفسي إلى أنه يجب مواجهة هذه الظاهرة التي بدأت تظهر بشكل ملحوظ في مصر، بعمليات نفسية ممنهجة، وأن تلتزم كل الوزارات في مصر بتقديم العلاجات اللازمة من خلال الدورات التدريبية والتوعوية التي تقدمها لجماهيرها، بجانب دور البرلمان وسنه تشريعات جديدة.

الدافع المادي والنفسي

وخالف المستشار القانوني نور الدين علي، قاله الدكتور جمال فرويز بأن السبب هو الانهيار الثقافي، ولكنه السبب خلف تلك القضايا المثيرة للجدل، إمَّا الدافع المادي أو النفسي، وهذا قليل جدًا، خاصة في الجرائم التي ترتكب في الأسرة ذاتها.

وأضاف نور الدين، في تصريح خاص لـ"البوابة" أنه بالنظر في قضية الطفلة جنة التي أثارت جدلًا واسعًا خلال الأيام الماضية ستجد أن السبب الرئيسي هو عامل نفسي، لأنه لا يقدم على فعل جريمة بشعة مثل هذه في طفل إلا مريضًا نفسيًا، مؤكدًا أنه لا يستطيع أحدًا وضع علاج لهذه الجرائم، لأنها ليست منتشرة بالشكل الكافي الذي يتطلب وضع علاج وحلول لها. 

وأشار أنه بعمل الإحصائيات ستجد أنه من بين كل 2000 جريمة، واحدة أو اثنين ارتكبت ضد الأطفال، وبالتالي لا يستطع القانون وضع عقوبات رادعة لهذه الجرائم، لأنها ليست منتشرة مثلًا كالاغتصاب أو السرقة، والغرض من العقوبة هو إمَّا الردع العام أو الخاص او تحقيق العدالة. 

وتابع أن مصر ليست بهذا ظواهر تعذيب أطفال، ولكن الذي يصنع هذا الشو هي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتداول الرواد تفاصيل قصة واحد من بين مئات القصص، الأمر الذي يقابله الكثير بالعاطفة التي تجعلهم يخضعون إلى ما يثار من أقاويل بأن مصر تواجه ظاهرة تعذيب الأطفال. 

واستطرد بأنه لا يقال عن قتل الاطفال ظاهرة، لأن الظاهر لا بد أن يكون لها تأثير ولو بمقدار 10%، ولكن بالنظر إلى جرائم الأطفال فتجدها لم تصل إلى هذه الأعداد قط ولم تعد ملفته للانتباه، مشيرًا إلى أن العقوبات موجودة في القانون ولكن تغليظ العقوبة لن ينهي ارتكابها في المجتمع وليس سبيلًا للحل.

يذكر أن مصر تشهد ما بين الحين والآخر جرائم قتل وتعذيب  الأطفال على يد آبائهم، حيث كانت آخرهم واقعة الطفلة جنة التي أثارت جدلًا واسعًا بعدما تعرضت إلى التعذيب والقتل على يد جدتها في محافظة الدقهلية، وغيرها من الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال كثيرًا، الأمر الذي أشعل فتيل التصريحات والتعديلات في مجلس النواب، حول قانون  الأحوال الشخصية والطفل والحضانة، حرصًا على سلامة الأطفال في المستقبل. 

المصدر: البوابة العربية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا نتحمل مسؤولية الأراء الورادة بهذه التعليقات

لا يوجد تعليقات في الوقت الحالي!

أضف تعليقك

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا نتحمل مسؤولية الأراء الورادة بهذه التعليقات