
الهجوم الصاروخي الوحيد الناجح ضد بارجة أميركية في الخليج... هل يتكرر؟

في مثل هذا اليوم قبل 32 سنة، أطلقت طائرة نفاثة عراقية صواريخ على الفرقاطة الأميركية "يو أس أس ستارك" التي كانت تقوم بدورية روتينية في الخليج، ما أدى إلى مقتل 37 من مشاة البحرية الأميركية وجرح 21 آخرين.
في حينه، كانت الحرب الإيرانية-العراقية تشارف نهايتها، ولكن الهجمات من الجانبين كانت لا تزال كثيفة. وعندما طلبت الفرقاطة من الطائرة التعريف عن نفسها، ردّت بإطلاق صاروخين مضادين للسفن، رغم أن "ستارك" كانت خارج منطقة الحرب ولم تكن تتوقع أن تواجه مثل هذا الهجوم، وخصوصاً من العراق الذي كان بحكم الامر الواقع حليفاً لواشنطن.
تنقل تقارير عن ذلك اليوم أن طاقم "ستارك" شاهد ما اعتقدوا أنه مقاتلة "ميراج" عراقية آتية في اتجاههم، وبالتالي، لم يكن ثمة سبب حقيقي للقلق. لكن الميراج F-1 لم تكن مقاتلة على الإطلاق، وإنما طائرة رجال أعمال مصنّفة ومعدّلة وكيّفت خصوصاً لمهاجمة الأهداف الإيرانية. ولم يتوقع الأميركيون حصول شيء كهذا.
لم ترصد أنظمة المراقبة للسفينة ولا الرادارات الصواريخ، على رغم أنها كانت قادرة على رصد الطائرة. ونفذت الطائرة التفافات عدة سريعة كانت في كل مرة تقترب أكثر من السفينة، وعندما وصلت إلى مسافة 30 ميلاً، أطلقت صاروخين وابتعدت مسرعة. وأصاب الصاروخ الثاني السفينة بعد 30 ثانية من الأول، فلم يكن للطاقم وقت للردّ.
يو س أس ستارك.
وفقًا للتحقيق الرسمي الذي أجرته البحرية في الحادث، اعتقد طاقم "ستارك" وضباطه أن الطائرة "سوف تمرّ بهم من دون أية مشكلة". لم يتخذ الضابط المسؤول أي إجراء، رغم معرفته بأن مقاتلة ميراج التي اعتقدوا أن الطائرة من صنفها قادرة على إطلاق الصواريخ من بعد 38 ميلًا. حاول الضابط زيادة مستوى استعداد السفينة في الدقائق التي سبقت أول صاروخ، ولكن كان الأوان قد فات.
كُتب الكثير عن المسؤوليات عن ذلك الحادث: ضابط مراقبة الأسلحة ليس في محطته، وفنيّ مكافحة الحرائق خارج غرفة العمليات، وجهاز التتبع التلقائي للكشف كان مطفأ، وغيرها. ولكن الحصيلة كانت كبيرة، وبين البحارة الـ37 الذين قتلوا 29 قضوا على الفور، واثنان فُقدا في البحر، وثمانية توفوا لاحقاً متأثرين بجروحهم.
ومن المفارقات أن طائرة هليكوبتر إيرانية وسفينة سعودية ساعدتا البحرية الأميركية في عمليات الإنقاذ. ولاحقاً أعفي قبطان السفينة غلين بريندل من مهماته وتقاعد باكراً.
في البداية، ادّعت بغداد بأن السفينة انتهكت منطقة حربية، ولكن عند مواجهة البحرية الأميركية إياها بأدلة تدحض ذلك، تراجعت وقالت إنها ستجري تحقيقها الخاص، واعتذرت لواشنطن بعدما حضر الرئيس رونالد ريغان اجتماعاً طارئاً لمجموعة في مجلس الأمن القومي.
اعتذر الرئيس العراقي صدام حسين للإدارة الاميركية، مشيراً إلى أن العراقيين اعتقدوا أن السفينة إيرانية، وقبلت واشنطن اعتذاره.
اليوم، وبعد 32 سنة، يتذكّر ديفيد أتش، الذي كان على "يو أس أس مالون" السفينة الشقيقة لـ"يو أس أس ستارك" في تلك الفترة، بحزنٍ، خوفَ ذلك الهجوم.
وقال لـ"النهار": "تأخرت ستارك بضعة أيام. كنا نرسو في المكان الذي أصيبت فيه قبل ذلك بيوم، لو لم تتأخر، كانت السفينة التي كنت على متنها هي التي أصيبت".
فقد ديفيد أصدقاء في الحادث، واحترق بعضهم في أسرّتهم. ويوضح أن "صاروخين أطلقا على السفينة، الأول لم ينفجر إلا أنه أدى إلى تسرب الوقود في المكان، والثاني أدى إلى كتلة لهب. الصاروخان أصابا منطقة الطواقم في منتصف الليل. جميع الضحايا قضوا حرقاً".
يتابع ديفيد التوتر في منطقة الخليج بكثير من القلق، ويرى أوجه شبه بين الوضع الحالي وما كان سائداً في المنطقة في حينه.
ويقول: "التوتر هو نفسه. عام 1987 كانت إيران والعراق تخوضان حرباً، وكان دورنا مواكبة ناقلات النفط من الخليج وإليها لأنها كانت معرضة لهجمات. يبدو أن الوضع نفسه يحصل اليوم".
ففي ظل التوتر السائد في المنطقة والتعزيزات الاميركية الاستثنائية، لا يكفي أن تعلن واشنطن وطهران أنهما لا تريدان حرباً، للاطمئنان بأن الحرب لن تقع.
المصدر: النهار
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا نتحمل مسؤولية الأراء الورادة بهذه التعليقات
لا يوجد تعليقات في الوقت الحالي!
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا نتحمل مسؤولية الأراء الورادة بهذه التعليقات